بحث هذه المدونة الإلكترونية

مقترح جديد أم انتهاك جديد لحقوق الايزيدية !!!



في تطور خطير لقضية تمثيل الاقليات في قانون انتخابات مجالس المحافظات , صرح (خالد شواني) - النائب عن قائمة التحالف الكوردستاني ومقرر اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي - ان التحالف قدم مقترحاً جديداً بشأن تمثيل الاقليات في انتخابات مجالس المحافظات, ويقضي المقترح بفصل قضية الاخوة المسيحيين عن الاقليات الاخرى. حيث تؤكد الكتل البرلمانية (حسب هذا التصريح) بانه لا اعتراض لهم على المسيحيين ولا توجد خلافات حول تمثيلهم وعدد المقاعد التي يستحقونها في المحافظات وبالتالي بالامكان ان يعرض مشروع القانون بمادتين منفصلتين. وتابع يقول "المادة الاولى تنص على حقوق المسيحيين وسيتم بشكل سلس واعتيادي لطالما لا توجد هناك اعتراضات عليه من قبل الكتل البرلمانية ويتم التصويت عليها, اما بخصوص الشبك والايزيديين من الممكن اجراء مناقشات حولها وايجاد الية وفصل قضية الاقليات الاخرى عن المسيحيين.
بتحليل هذا المقترح والتعمق في تفسير مفرداته ومعانيه, فانه يتضح لنا من مفهوم المخالفة لهذا التصريح بأن هناك اعتراضاً من قبل الكتل النيابية على حقوق الاقليات الاخرى (كالايزيدية والشبك) وان هناك خلافاً على قضية تمثيلهم في انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي, وان هذه الكتل مصرة على قرارها السابق بحرمان هذه الاقليات من حصتها وحقها المشروع في هذه المجالس. وان اصوات المعترضين على حذف المادة (50) من قانون انتخابات هذه المجالس لم تجدِ نفعاً ولم تجد آذاناً صاغية بل إنها ذهبت في مهب الريح , كما إنه يعني بأن المادة (50) لم تسقط سهواً من القانون بل إنها حذفت عن عمد واصرار. وهو امر يدعونا للاستغراب والدهشة ويثير الاشمئزاز والقلق في نفوسنا ويجعلنا نتسآل بالحاح, لماذا هذا التعمد في حرماننا من حقوقنا, مثلما تم حرماننا سابقاً من أن يكون لنا حصة او نصيب في الحكومة المركزية. وهو لا يعني سوى أنه مفهوم جديد للمواطنة تريد هذه الكتل ان ترسخه في العراق الجديد لتكرر بذلك اخطاء الحكومات السابقة ولتخترع نوعاً جديداً من "الديمقراطية" في القرن الحادي والعشرين لم يسمع به العالم من قبل, وهو ليس بالامر الجديد فقد سبق لهذه الكتل ان اخترعت مصطلحات جديدة في علم السياسة والديمقراطية مثل " الاستحقاق الوطني " وغيره من المسميات والتبريرات لترسيخ وفرض سلطة الاغلبية وسحق حقوق الاقليات المغلوبة على امرها.
عجباً لهذه الخطوة من قائمة التحالف الكوردستاني ولهذا المقترح الغريب, فبدلاً من تقديم هذا المقترح من قبل التحالف والاعلان عنه وتبريره بهذه الصيغة الغير انسانية كان الاجدر ان تطالب القائمة, وباصرار, بضرورة ضمان حقوق الايزيدية وان تعمل على اصلاح اخطائها السابقة وان تقف بالضد من انتهاك حقوق هذه الاقلية الدينية التي طالما تعرضت للتهميش في العراق.
المقترح وبهذه الصيغة قد جعل الامور اكثر تعقيداً من ذي قبل, فسابقاً تم حرمان جميع الاقليات, أما الان فقد اضيفت فقرة التمييز الى الحرمان بالنسبة للبعض دون البعض الاخر. فعلى سبيل المثال, عندما يتم فصل قضية الاخوة المسيحيين عن قضية الاقليات الاخرى و يتم التعامل معهم بصورة سلسة ومرنة وفي نفس الوقت يتم التشدد في التعامل مع الاقليات الاخرى, فان هذا يجعل الأمر ضبابياً ومبهماً ويجعلنا نطرح أكثر من تساؤل, لماذا هذا الكيل بأكثر من مكيال ؟؟ علماً بأننا لسنا بالضد من مسألة منح الحقوق للاخوة المسيحيين أو لأي طيف من الوان الطيف العراقي بل اننا نطالب بأن يأخذ كل ذي حق حقه بالتساوي فمشاكلنا وهموما واحدة ولابد ان نعمل سوية من اجلها حلها .
لايمكننا سوى أن نوصف المقترح الجديد بأنه انتهاك جديد لحقوق الايزيدية والاقليات الدينية الاخرى, وبإجراء مقارنة بسيطة بين هذا المقترح مع مواد الدستور العراقي الدائم, نستنتج بانه يشكل انتهاكاً للعديد من مواد الدستور وبنوده , وعلى النحو التالي :
1- ورد في ديباجة الدستور " عَقَدَنا العزمَ برجالنا ونِسائنا، وشُيوخنا وشبابنا، على احْتِرامِ قَوَاعدِ القَانُون، وَتحقيقِ العَدْلِ وَالمساواة " , ونصت المادة (14) منه " العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي." فأين هذا العزم ؟ وهل يحمل هذا المقترح أي معنى للعدل أو للمساواة ؟ أم انه يحمل معنى التمييز بين الاقليات المكونة للمجتمع خصوصاً وان العراق بلدٌ متعدد القوميات والأديان والمذاهب؟
2- نصت المادة (44) على " لا يكون تقييد ممارسة أيٍ من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها الا بقانون أو بناءً عليه، على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية ".
الا يعني هذا المقترح بانه تم تقييد حقوقنا وانه تم مس هذه الحقوق بالصميم؟ وهو ما يدعونا الى االشعور بان هناك دوما انكار وتهميش لحقوق الايزيدية .
3- تنص الفقرة (ج) من البند اولاً من المادة 2 على " لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور ".
إن ادراج فقرة في قانون الانتخابات وحسبما هو وارد في المقترح يجعل القانون متعارضاً مع الفقرة (ج) اعلاه. وبالتالي يعتبر القانون باطلاً عملاً باحكام البند ثانياً من المادة (3) فانه " لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نصٍ يرد في دساتير الاقاليم، او أي نصٍ قانونيٍ آخر يتعارض معه."
ولاكمال مسلسل تهميش الايزيدية التراجيدي, لم يبق بعد هذه الخطوة وهذا المقترح سوى خطوة اخرى تتلخص بتقديم مقترح آخر يقضي بأن الايزيدية ليست اقلية دينية عراقية ويلغوا أسمهم من البند ثانياً من المادة (2) من الدستور , بحجة انها فقرة زائدة تضر ولا تنفع بشئ !!! حيث ان موضوع التعديلات الدستورية موضوع ساخن وبين الحين والاخر يتم اثارة الموضوع, ويجب الا نستغرب اذا سمعنا يوماً بأن اسم الايزيدية سقط سهواً من الدستور مثلما سقطت المادة (50) من قانون المحافظات, بحجة تعديل الدستور وترشيقه مثلما يتم ترشيق العراق من الاقليات الموجودة فيه والتي اضحت تملاً ربوع العالم هرباً من " النعيم " الذي تنعم به في العراق الجديد واصبحت حديث العالم ونشرات الاخبار. فهو إذن ليس بالامر الجديد وكل شئ متوقع في العراق, خاصة اننا قد اعتدنا عليه طوال خمس سنوات من عمر التجربة العراقية الجديدة. لا تستغربوا اذا حدث ذلك مستقبلاً فالمبررات والحجج كثيرة وهي جاهزة دوما !!!
في الختام نأمل بأن تاخذ الكتل السياسية هذه الملاحظات برحابة صدر وأن تلتفت الى هذا النقص التشريعي وأن تضع بنود الدستور ومبادئ حقوق الانسان نصب أعينها عند اجراء المناقشات حول تشريع قانون ما .

الحقوقي
ديندار  جيجو شيخاني
كاتب وناشط في مجال حقوق الانسان والمجتمع المدني
 
esvni2@hotmail.com
http://dindar2008.blogspot.com

السويد
21-10-2008

ليست هناك تعليقات: