بحث هذه المدونة الإلكترونية

هل حان وقت التغيير؟ الحلقة الاولى



سلسلة حلقات
يتم التحضير في إقليم كردستان العراق لإجراء انتخابات البرلمان الكردستاني وانتخابات رئاسة الاقليم, وتتنافس القوائم الانتخابية فيما بينها, معلنة ومروجة لبرامجها الانتخابية, وبالتاكيد فان كل حزب او ائتلاف يسعى الى ان يكون برنامجه الانتخابي حافلا بالوعود والمشاريع التي من شأنها خدمة ابناء الشعب بكل طوائفه وقومياته, وعلى الطرف الاخر فان الشعب يتمنى ان يتم تغيير الحالة التي هو عليها الى حالة افضل.
بعد مرور أكثر من ثمانية عشرة عاما على تحرير أجزاء من كردستان ومرور اكثر من ستة سنوات على الزوال النهائي لنظام صدام .. هل ان ما يجري في العراق عامة وكردستان خاصة , هو بمستوى طموح الشعب وهل يمكن ان نوصف العملية التي جرت في العراق خلال السنين المنصرمة بانها عملية تغيير حقيقية , أم ان ما يجري هو بحاجة إلى تغيير الآن؟؟
ما يجري في العراق هو عكس ما كان يتمناه الشعب وتتطلع اليه الجماهير, لان هناك العديد من المظاهر والممارسات السلبية التي تحدث في العملية السياسية والتي هي بحاجة الى البحث والتحليل والنقد ومحاولة ايجاد الحلول الناجعة لها وهو ما سوف نتناوله في هذه الحلقات.


الحلقة الاولى
استغلال ميزانية الدولة لتمويل ميزانية الأحزاب
لدى إطلاعي على مشروع دستور إقليم كردستان لفت انتباهي ما جاء في الفقرة (6) من البند (ثامن عشر) الخاص بحرية تاسيس الاحزاب ضمن المادة (19) من المشروع.
تنص الفقرة على: (على الحزب ان يعلن عن موارده ومصادر تمويله وكيفية التصرف بها للسلطة المختصة قانوناً ).
على الرغم من قصر هذه الفقرة فانها تحمل معاني كثيرة واحكاماً مهمة وضروية و كان من الواجب تشريع قانون خاص بهذا الموضوع منذ فترة طويلة. والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن تطبيق هذه الفقرة الدستورية على ارض الواقع في حال صوت الشعب بنعم على مشروع الدستور, ومن هي الجهة أو السلطة التي ستراقب وتدقق في ميزانية الأحزاب ؟؟؟
في كافة دول العالم التي توصف بـ(الدول الديمقراطية ) نلاحظ وجود احزاب تتسابق وتتنافس بصورة ديمقراطية فيما بينها وحسب ظوابط آليات محددة لايجوز تجاوزها . بالتأكيد فان هدف كافة الاحزاب السياسية هو الوصول الى السلطة, لذا فان للاحزاب مكاتب في المدن ويعمل في هذه المكاتب اناس يعملون على اداء بعض المهام من قبيل ممارسة النشاط الحزبي في المنطقة ومحاولة ضم وكسب ولاء اعضاء جدد لها والاعلان عن برامج انتخابية والترويج لمرشحيها في الحملات الانتخابية. وبالـتاكيد فان ممارسة هذه النشاطات يحتاج الى اموال وفي بعض الدول نسمع ان هناك مبالغ طائلة تخصص للحملات الانتخابية, و يتم تمويل هذه النشاطات من خلال الميزانية الخاصة بالحزب والتي تأتي عادة من اشتراكات الاعضاء ومن حملات جمع التبرعات وغيرها من مصادر التمويل. المهم هنا ان ميزانية الحزب تكون منفصلة عن ميزانية الدولة لان ميزانية الدولة او الحكومة تكون بيد المؤسسة المالية (وزارة المالية) وان هناك مؤسسة تعمل على مراقبة عملية صرف اموال الدولة بطريقة تخدم الشعب والدولة عامة. الأمر المهم هو عدم توظيف أموال الحكومة في ممارسة النشاطات السياسية المختلفة للاحزاب, من ادارة المكاتب الحزبية والترويج للحملات الانتخابية وغيرها من النشاطات الخاصة بالحزب.
أما عندنا فالأمور تجري على العكس,فميزانية بعض الاحزاب تكون احيانا اكثر من ميزانية الدولة وبعبارة اخرى فان ميزانية الدولة وميزانية الحزب او ( الاحزاب الحاكمة) تكون وجهان لعملة واحدة. او ان ميزانية الدولة تمر من خلال ميزانية الحزب بحيث يصعب التمييز بين اموال الحزب واموال الدولة. حيث ان للاحزاب وبالتحديد (الاحزاب الحاكمة والمسيطرة على السلطة) توجد مكاتب تختلف في حجم مبانيها وعدد ( الموظفين) الذين يعملون فيها حسب حجم المنطقة الادارية او الجغرافية التي توجد فيها هذه المكاتب , ويتم رصد مبالغ طائلة لادارة هذه المكاتب من كافة النواحي سواء من حيث حالة البذخ والترف التي عليها مكاتب هذه الاحزاب وحجم الرواتب والمخصصات والامتيازات التي تمنح للمسؤولين أو المبالغ اللازمة لتغطية نفقات خدمة هذه المكاتب من نشاطات واجهزة وتأثيث وغيرها. أما الفوارق الطبقية وحالة البذخ والترف التي يعيشها المسؤلون فحدث لا حرج, فما أن يتبؤا شخص ما مسؤولية أو منصباً حزبياً فبين ليلة وضحاها يتغير حاله بقدرة قادر, الهبات والنعم تنزل عليه من كل صوب وحدب ومن حيث لا يدري, سواء من رواتب ومخصصات وامتيازات مغرية إلى خدم وحشم والى سيارات آخر موديل وأفخم القصور ... الخ.
والسؤال هو , اذا لم تكن ميزانية الدولة مسخرة لتلبية هذه الاحتياجات والنفقات, فمن اين تاتي الأحزاب بهذه المبالغ ؟؟
ختاماً أقول : في إحدى الأيام قمت بزيارة المكتب الفرعي لأحد الأحزاب السويدية هنا في السويد وبنظرة تأمل قصيرة في هذا المكتب عرفت كبر الاختلاف الموجود بين هذا المكتب وبين مكتب احد الأحزاب الموجودة حاليا في بلدي كردستان, الفارق في البساطة بين المكتبين كان كبيرا جدا بحيث لا يوجد وجه للمقارنة , مكتب بسيط لا تتجاوز مساحته مساحة غرفة الخدمات في إحدى مكاتب أحزاب بلدي. كادر عمل بسيط لا يتجاوز عدد أفراده عدد الحراس الشخصيين لأي مسؤول حزبي في بلدي. علاوة على أجهزة وأثاث بسيطة.
لا أكون متشائماً إذا قلت بأنه يلزمنا وقت ليس بالقصير من اجل أن تصبح الفقرة (6) من البند (ثامن عشر) من المادة (19) من الدستور قابلة للتطبيق فعلياً, لان ما يحدث الآن على ارض الواقع يدل على هذا التشاؤم.


ديندار شيخاني
esvni@yahoo.com


السويد – لاندسكرونا
18-07-2009

ليست هناك تعليقات: